
رحل عن دنيانا رجلٌ لم يكن عابرًا في هذه الحياة، بل كان أثرًا طيبًا، وذكرًا حسنًا، وعطاءً لا ينضب. رحل من كان كريم النفس، سخي اليد، واسع الصدر، باسم المحيّا، كافلًا لليتيم، رفيقًا بالضعفاء، وذو أيادٍ بيضاء لا تُعدّ ولا تُحصى في وجوه الخير والمساكين.
كان منصورغضيان القويني رحمه الله، مثالًا نادرًا للإنسان الذي يُعطي ولا ينتظر المقابل، يؤوي من فقد السند، ويمسح دمعة اليتيم، ويقاسم المحتاج لقمة العيش، بقلبٍ لا يعرف الضغينة، ووجهٍ لا تغيب عنه الابتسامة. لم يكن ماله فقط لله، بل وقته، وجهده، وحبّه للناس، كان لله وفي الله.
كلّ من عرفه، شهد له بالفضل، وذاق من عطائه، وسَكَن إلى حنانه. لم يكن غنيًا بما يملك، بل غنيًا بما يمنح، ولم يكن عظيمًا بمنصبه، بل بعظيم خُلقه، وحُسن سيرته. كم من بيتٍ أدخله السرور، وكم من قلبٍ أراحه بكلمة، وكم من ملهوفٍ وجد فيه المأوى والملاذ.
نم قرير العين يا أبا مشعل يا صاحب القلب الكبير، فقد تركت خلفك ميراثًا من المحبة، وسيرةً تُروى، ودعواتٍ لا تنقطع. عزاؤنا أنك لم ترحل وحدك، بل رحلت وقلوب الناس تلهج لك بالرحمة، وألسنتهم تلهج لك بالثناء.
إنا لله وإنا إليه راجعون