متابعات – إخبارية بوابة وطن :
مدن مجلس التعاون الخليجي استثمرت بشكل كبير في تحسين البنية التحتية لإدارة النفايات، إذ يتم تطوير مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، بينما بدأت مصانع إعادة التدوير في فصل النفايات لإعادة استخدام تقنيات الإدارة المتكاملة للنفايات.
يذكر تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي أن التطورات المهمة نحو الحكومة الإلكترونية، والتجارة الإلكترونية، وآخرها التكنولوجيا المالية، شهدت ظهور بعض البنية التحتية الحضرية المتقدمة، إذ تجسد مدينة الكويت وأبو ظبي والدوحة ودبي والمنامة والرياض والشارقة كيف تواصل المدن إعادة اختراع نفسها، والمشاريع المستدامة بيئيًا هي في صميم الخطط الاستراتيجية.
ولكن مع تحسن نوعية الحياة وزيادة النشاط الاقتصادي، تأتي نتيجة غير مرغوب فيها: النفايات الحضرية. أثناء الإغلاق، قد تكون كميات النفايات قد انخفضت مؤقتًا، ولكن زادت النفايات الطبية بشكل ملحوظ. ولكن هل يمكن أن تصبح النفايات ميزة اقتصادية لمدن الخليج؟ أو حتى حافزاً اقتصادياً جديداً للمساعدة في إنعاش الأسواق المتضررة من الوباء؟
ويعتمد النموذج الصناعي والاستهلاكي الحالي على عملية الاستخراج – الاستخدام – التخلص – المعروفة باسم «النموذج الخطي»، بحيث سيطر مسار الإنتاج أحادي الاتجاه على العالم منذ الثورة الصناعية. ولكن إذا وصل عدد سكان العالم إلى 9.6 مليارات نسمة بحلول عام 2050، كما تقول الأمم المتحدة، فستكون هناك حاجة إلى ثلاثة كواكب للحفاظ على أنماط الاستهلاك. وقد مارس النموذج الخطي ضغوطاً على المعروض من المواد الخام، مما تسبب في زيادة أسعار السلع الأساسية وظلت متقلبة. ونتيجة لذلك، هناك توجهات متزايدة لإعادة التفكير في النموذج واستبداله بنموذج استخراج – استخدام – إعادة تدوير – يُعرف أيضًا بالاقتصاد الدائري.
تواجه مدن مجلس التعاون الخليجي ذات الدخل المرتفع زيادة مطردة في النفايات لكل فرد، إذ قدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة العام الماضي أن النفايات الصلبة السنوية المتولدة في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت حوالي 27 مليون طن في نهاية عام 2016، بزيادة تصل إلى 5 في المئة على أساس سنوي. وتخصص هذه المدن ميزانيات كبيرة كل عام لإدارة النفايات، وتتحمل أيضًا تكاليف بيئية متزايدة في شكل مدافن.
وتشير دراسة إلى وجود علاقة قوية بين الدخل المرتفع وتوليد النفايات المرتفع. وفي غضون ذلك، قدر تقرير قمة الحكومة العالمية أن دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن توفر 138 مليار دولار بحلول عام 2030 من خلال اقتصاد دائري.
ويبدو أن كل المبادرات تسير في الاتجاه الصحيح. ولكن ما الذي يمكن أن تفعله مدن دول مجلس التعاون الخليجي في رحلتها لتحويل النفايات إلى الثروة كجزء من الاقتصاد الدائري؟ في ما يلي بعض الاستراتيجيات المحتملة:
1- استراتيجية «100 دائرة»
تتمتع مدن دول مجلس التعاون الخليجي بموقع مثالي لتطوير نظام بيئي دائري متكامل، حيث يجب أن تكون الأعمال الاقتصادية الدائرية في صميمها، وعلى كل مدينة أن تعطي لنفسها هدفاً للتطوير، على سبيل المثال، 100 رائد أعمال دائري في خمس سنوات، في مجالات الاقتصاد الدائري المتخصصة.
كما يجب على المدن التي تستهدف صفر نفايات أو انبعاثات منخفضة الكربون أن تعطي أولوية لنجاح رواد الأعمال الدائرية كهدف رئيسي.
2- عمل المدن كرجال أعمال
على مدن دول مجلس التعاون الخليجي النظر في استراتيجية دائرية متكاملة للتعاون والتكامل بعضها مع بعض، بناءً على نقاط قوتها الفريدة. بحيث عند تصميم هذا النظام البيئي، يجب على المدن نفسها التفكير والتصرف مثل رجال الأعمال.
وستوفر سياسة متعددة الجوانب في كل مدينة النظام البيئي المناسب للأعمال الدائرية المبتكرة.
3- شراكات عالمية
تساعد برامج دعم المؤسسات الأفكار لتصبح شركات، إذ تربط هذه البرامج الأفكار بالأسواق باستخدام استراتيجيات الحضانة والتسريع. ونظرًا لأن الآثار السلبية للنموذج الخطي محسوسة في كل مكان، يمكن للشركات الدائرية التوسع بشكل أسرع في جميع أنحاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
4- سلاسل أكثر كفاءة
النفايات حاليا بند تكلفة كبير في الميزانيات الوطنية. لكن الفصل الأكثر كفاءة يمكن أن يحول النفايات إلى مواد خام قيمة.
Volume 0%
ويمكن أن يساعد فصل النفايات على مستوى الأسرة في إنشاء سلسلة بقيمة اقتصادية أكثر كفاءة، حيث يمكن للشركات الناشئة المحلية أن تتعاون مع رواد الأعمال العالميين في استخدام التكنولوجيا لجمع النفايات وفصلها.
5- التعريفات الجمركية
يتم بيع عدد من السلع الاستهلاكية والمستوردة بفضل أسعارها الجذابة ولكن يتم تجاهل هذا العبء على ميزانية إدارة النفايات، إذ إن المنتجات ذات العمر الأقصر تضيع في نظام إدارة النفايات. وبناءً على التكلفة السنوية لإدارة النفايات، يمكن لمدن دول مجلس التعاون الخليجي تطوير استراتيجية للتعريفات وتنفيذها تدريجيًا. بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، يقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة تكلفة إدارة النفايات لكل مقيم بنحو 31 دولارًا. يمكن أن يكون هذا بمنزلة خط الأساس لتطوير آلية التعريفة الجمركية المثلى في مدن دول مجلس التعاون الخليجي.
6- تعميم التمويل الدائري
يجب على الحكومات الفردية إصدار أدوات السياسة لتنفيذ هذه الاستراتيجية المتكاملة. بعد وضع إطار السياسات، ستظهر آليات تمويل قائمة على السوق.
ويمكن أن يكون التمويل المختلط إحدى هذه الأدوات السياسية، لتعزيز قابلية تمويل المشاريع والمساعدة في إطلاق الاستثمارات الخاصة.
7- طريق دائري للمستقبل
ستطرح الأسئلة بطبيعة الحال حول تكلفة بناء مثل هذا النظام البيئي من النفايات إلى الثروة في هذه المدن. يمكننا الحصول على فكرة عادلة عن ذلك من خلال تحديد التكاليف السنوية لإدارة النفايات، وزيادة البطالة، وانخفاض نمو السوق، وارتفاع تكلفة المواد الخام والسلع. وبعبارة أخرى، فإن تكلفة بناء مثل هذا النظام البيئي هي تكلفة البقاء في المستقبل – وليس فقط أن تكون ذات صلة في العقود القادمة. يقدر البنك الدولي أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستبدأ في الانتعاش في عام 2021. لذلك، حان الوقت المناسب الآن لبدء التفكير في أفضل الإستراتيجيات الاقتصادية الطويلة الأجل لضمان النمو للاقتصادات المحلية ومستقبل أكثر إشراقا لرجال الأعمال الشباب.